لو خيرت بأي معلومة واحدة أرغب أن تخرجوا من هذه المدونة لكانت: الدهون ليست هي الخطر على صحتنا! فنتيجة
لبعض الأبحاث الركيكة منذ أكثر من خمسين سنة بأن الدهون المشبعة هي السبب
في أمراض القلب والشرايين بدأت الحملة المسعورة في أواخر السبعينات
لاستئصال الدهون من الغذاء فأصبح كل شيء يصنع قليل الدهون أو Low fat.
غير
أن الأبحاث الحديثة جميعها تشير إلى أن الخطر
ليس الدهون أبدا ولكنها الكربوهيدرات والسكريات والنشويات المصنعة وخصوصا سكر الفركتوز الذي يضاف إلى معظم المنتجات. وهذا هو السبب في تفاقم أمراض القلب والشرايين والجلطات والسكري بالرغم من أن الناس قد التزموا بالنصيحة وابتعدوا عن الدهون خلال العقود القليلة الماضية. بالطبع هناك عوامل أخرى مثل زيادة الضغوطات وقلة النوم وقلة الحركة كان لها يد مساعدة في استشراء هذه الأوبئة التي نراها اليوم.
والحقيقة أن الدهون ليس فقط غير مضرة للصحة أبدا ولكنها مهمة وضرورية جدا لها. فالدهون
مهمة لجميع عمليات البناء في الخلية، عمل جهاز الأعصاب،
صناعة الهرمونات التي تنظم كل العمليات الحيوية في الجسم كالأيض مثلا، ولعملية الهضم. والدهون مهمة لامتصاص الفيتامينات البالغة الأهمية الذائبة في الدهن وهي أ، د، ي، ك. هل تعلم أن أكثر من 60% من دماغك هو دهون وكوليسترول؟ وهل تعلم أن تركيب جميع جدران الخلايا في جسمك يعتمد على الدهون؟
ولعلنا نسمع أكثر ما نسمع عن الأحماض الدهنية غير المشبعة من نوع الأميغا-3
والتي يرتبط نقصها في الغذاء بالكثير من المشاكل الصحية مثل الإكتئاب،
العدوانية،
التوتر ومشاكل الذاكرة، الزهايمر، زيادة الوزن، السرطانات، الجلطات القلبية والدماغية، الإكزيما والربو والتهاب المفاصل والسكري والأمراض المناعية و .. و... الأوميغا-3 تشمل ثلاثة أنواع مختلفة فيما بينها بطول السلسلة الدهنية فأقصرها هي ALA والتي توجد في بذور الكتان وبذور اليقطين وغيرها من المصادر النباتية. أما الأنواع المهمة جدا للجسم فهي DHAو EPA التي توجد في الأسماك، البيض العضوي، وحتى اللحم والدجاج ومنتجات الحليب العضوية منها فقط. فهي أيضا من الأحماض الدهنية غير المشبعة وهذه مصادرها الرئيسية هي الحبوب والزيوت النباتية الحديثة المكررة مثل زيت الذرة واللحوم والدجاج الذي يعتمد في تغذيته على الحبوب. وهي ليست سيئة بذاتها، فليس هناك حامض دهني طبيعي سيء، غير أن المشكلة هي الزيادة الكبيرة في استهلاكها بحيث زادت نسبتها في الجسم عن الحد الطبيعي الضروري.
فبحسب
الدراسات كانت نسبة الأوميغا-3 إلى
الأوميغا-6 في طعام أجدادنا قبل عصر الزراعة هي 1:1 أو 1:2 ولا تزيد في أي مكان في العالم عن 1:4. بدأت هذه النسبة تزيد باضطراد بعد دخول عصر الزراعة والإعتماد على الحبوب كغذاء لنا وللحيوانات التي نأكلها منذ 10000 سنة. أما المصيبة فكانت في آخر 100 عام وخصوصا بعد الزيوت الحديثة التي يدعون بأنها صديقة القلب مثل زيت الكانولا فقد وصلت النسبة إلى أي مكان بين 1:10 و 1:40 وهذه النسبة ليست طبيعية أبدا!!!
يجب أن نفهم أن هناك توازن بين الأوميغا-3 والأوميغا-6
وأن كلاهما ضروري ولكن بالنسبة المطلوبة فحتى الأوميغا-3 يمكن له أن يضر بالجسم إذا زادت نسبته كثيرا! بشكل عام الأوميغا-3 مهمة في محاربة الإلتهاب في الجسم، بينما الأوميغا-6 ضرورية لعملية الإلتهاب نفسها، وقد تستعجب وتسأل لماذا إذن نحن بحاجة لأوميغا-6 إذا كانت تسبب الإلتهاب؟ ولكن لا تنسى أن عمليات ترميم الجروح في الجسم والتصدي للجراثيم مثلا تستلزم حدوث الإلتهاب، وحتى تفهم التوازن بين هذين الوظيفتين أنصحك بقراءة مقال: متى يكون الإلتهاب هو الخطر؟
ما
يحدث أنه عندما تزيد نسبة الأوميغا-6 كثيرا
وتقل الأوميغا-3 مصحوبة باستهلاك كميات كبيرة من الكربوهيدرات والسكريات والحبوب وزيادة نفاذية الأمعاء فإن الجسم يصبح في حالة التهاب دائمة تعرضه لمختلف أنواع الأمراض والحساسيات وضعف المناعة اتجاه العدوى.
ماذا عن الدهون المشبعة التي صدعوا رأسنا بأنها
المجرمة الرئيسية في الحرب على الجلطات القلبية؟
لا يوجد ما يمنع أبدا من تناولها بل هي مفيدة
جدا خاصة عندما نضمن مصدرها! الزبدة والسمن الحيواني والدهون الملتصقة باللحم مصدر غني بالفيتامينات الذائبة بالدهن. وأيضا زيت جوز الهند وزيت النخيل غني بالسلاسل الدهنية متوسطة الحجم والتي تبين أهميتها الكبيرة على عدة مناح في الجسم خصوصا لوظائف الدماغ. أما السلاسل الدهنية الأحادية وخصوصا الأوليك فتوجد في زيت الزيتون وزيت الأفوكادو وزيت المكاديميا بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من مضادات الأكسدة تجعلها من أفضل الزيوت!
ما
أتمناه من هذا المقال هو أن أزيد الوعي بأهمية
زيادة أوميغا-3 بالغذاء والأفضل أن يكون عن طريق زيادة استهلاك الأسماك والبحريات، السالمون ، التونة، السردين والأنشوا حتى نزيد نسبة أوميغا-3 في جسمنا إلى الأوميغا-6 "وهذا أفضل من المكملات لأن المكمل يمكن أن يكون له نتائج إيجابية في أول عدة أسابيع غير أن التجارب بينت أنه ليس جيدا على المدى البعيد!".
ولكن
لا بد وأن يرافق ذلك أيضا تقليل في استهلاك
الأوميغا-6 والتي توجد في الحبوب، منتجات الصويا، الزيوت المكررة مثل زيت الذرة وعباد الشمس والصويا والكانولا "ليس الزيوت المعصورة على البارد مثل زيت الزيتون"، أغلب المكسرات والبذور "يمكن استهلاكها بالطبع ولكن دون إسراف"، واعلم أن أي خطوة تتخذها لتعديل نسبة الأوميغا-3 إلى الأوميغا-6 في جسمك سوف يكون لها انعكاسات مهمة جدا على صحتك وسيطرتك على الأمراض التي تعاني منها! |
غير لغة الموقع Change the language
الجمعة، 18 مارس 2016
ماذا عن الدهون؟!!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق